إدارة ازمة التراث والمتاحف في سوريا 2011-2023 . سوف يشمل البحث هنا مسارين : المسار الأول ( مخاطر الحروب ): لا يخفى على العالم المخاطر المترتبة على ازمة الحروب في انتهاك التراث والحضارة الإنسانية في بلد ما . وذلك لصالح الجهة الأقوى . وما يتبعه ذلك من تجاوزات لسرقة الاثار والمتاحف . وما يتبعه ذلك من تجارة نشطة لتجار المسروقات في تصريف تلك القيمة الحضارية الى غير مسارها والتي تنبهت اليها الجهات الدولية لمكافحة هذا التصرف .( اتفاقية عام 1970 بشأن الوسائل التي تستخدم لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة ) . وقد تم معاينة الاف عمليات السرقة والتدمير والتزوير والاتجار غير المشروع والتحريف بمقتنيات المتاحف السورية ومناطق الاثار والتراث والتي تمتد لتشمل الحضارة البابلية والاشورية والارمية والساسانية والتدمرية والفينيقية . من العهد القديم . ثم الحضارات التي تلتها من الحضارة الرومانية ثم الحضارة الإسلامية ثم المملوكية وحتى العثمانية . الى الممتلكات التراثية لحضارة اهل الشام . وملايين القطع التي شكلت جزءا كبيرا من الحضارة الإنسانية على مر العصور . وتبين في الأعوام السابقة وجود عصابات احترافية لانتهاك جميع المعايير الدولية . واستثمار الحرب التي لحقت في البلاد في انجاز صفقات استثمارية لمصالح شخصية على حساب تاريخ الشعوب . وبرغم جميع الجهود المحلية لاشخاص مخلصين . وكذلك الجهود الدولية . فان مقدار التشوه والضرر الحاصل . اكبر بكثير مما يتوقعه أي متابع لما تم ويجري على ارض الواقع . ولم تفلح الى الان جميع القوانين والجهود التي تكافح هذه المخاطر الا بحدود قليلة . المسار الثاني ( مخاطر الزلازل ) : بالرغم من حضوري عدة مؤتمرات وندوات تتكلم عن مخاطر الزلازل وحتى البراكين والاعاصير والمناخ بشكل عام . بما يخص طمس المعالم التراثية والاثرية . وما يصاحب ذلك من تشويه لبعض الحضارات . الا انه يمكن الجزم بان التقنيات الحديثة في التوثيق والتصنيف والرصد . قد اتطاعت الى حد كبير من عمل جسر واضح لنقل وتبادل الحد الأدنى من المعلومات الحقيقية بين المتحف والموقع التاريخي والتواصل الاجتماعي والتاثير المكاني واستعادة وحفظ التراث والاثار في ازمة الزلازل . او في ظل أزمات مناخية وطبيعية مشابهة . فان ما حصل في شباط 2023 في سوريا . كان حقيقة زلزال مدمر . تواصل مع زلزال تركيا . وشكل الجزء الشمالي من سوريا مسرحا لتلك الاحداث . واستطاع في فترة وجيزة وخاطفة من تغيير كثير من المعالم ضمن حدود المنطقة . نحن نتحدث هنا في حال توفر خلفية قوية لعمليات الحفظ والصيانة والترميم والتوثيق والتصنيف والممارسات الحميدة . في المنطقة المقصودة . لانه لو توفرت العوامل المذكورة سابقا . فانه لم يحدث الضرر الذي شهدناه على الواقع . ولكن ضعف الخدمات والبنية التحتية . ساعد في تضخيم الاضرار واتخاذها هذا المنحى . الدليل الاسترشادي : نلاحظ من العرض السابق انه في منطقة واحدة من العالم . قد اجتمعت عدة مخاطر حقيقية . بنفس الوقت . ورغم انها تختلف من حيث المنشا والمتسبب . من حيث كون مصدرها طبيعيا او بشريا . فانها قد تعاونت بشكل كبير على تشويه جزء من الحضارة الإنسانية وساهمت في طمسه . كما ان المعالجات التي يتعامل معها المجتمع الدولي في معالجة هذه المخاطر . مازالت قاصرة وغير مجدية بالقدر الكافي . لان مساحة المعالجة لاتتناسب مع حجم الضرر . القوانين المحلية لم تخدم أي من الجهات أصحاب المصلحة في الحفاظ والترميم وإدارة الازمة . بل شكلت عبا إضافي لقائمة المخاطر . حيث عملت الجهات أصحاب النفوذ في المنطقة على سياسات تخدم مصالحها . بغض النظر عن القيمة الحضارية للمكان . هذا الوضع المعقد في هذا الموقع من العالم والذي تتقاطع فيه المصالح وتتضارب اتجاهات الإصلاح فيه . اصبح من غير الممكن رسم إدارة واضحة لادارة المخاطر فيه . ويتفق عليها الجميع . انها حالة فريدة لقطعة فريدة من الحضارة الإنسانية .